(كونا) – ما بين الكوارث الطبيعية التي تحدث في مناطق مختلفة من العالم أو الأزمات والصراعات من صنع الإنسان ثمة مساحة واسعة للألم والمعاناة لملايين البشر، لكن هناك أيضاً منارة إنسانية عالمية اسمها الكويت غطى عطاؤها الجهات الأربع ورسالتها رفع معاناة الإنسان وبلسمة جروحه.
فالعمل الخيري الكويتي لم يبلغ صورته المعروفة والمتصدرة في العالم بمحض الصدفة إنما هو مسيرة بدأت ولم تتوقف وأخذت أشكالاً متنوعة تتراكم كماً ونوعاً تواكب تداعيات مختلف الأزمات والمناطق المنكوبة بعمل مؤسسي منظم وإرادة رسمية وشعبية باتت نموذجاً فريداً في العالم.
وتلك الفرادة لم تقتصر على مبدأ الاستجابة للكوارث والأزمات فحسب بل أعطت مفاهيم أبعد من ذلك بكثير، باتت تدرّس في علوم السياسة تحت شعار المعادلة الذهبية للكويت وسياستها الخارجية القائمة على الدبلوماسية السياسية والاقتصادية والإنسانية.
ويقوم ذلك على سياسة وطبيعة مجبولة بها الكويت وأهلها حتى أصبح العمل الخيري إحدى الركائز الأساسية للكويت التي عرفت بمبادراتها الإنسانية في مناطق عدة في العالم.
ومع بدء العام 2023 واصلت قافلة العمل الخيري الكويتي المضي قدما إلى الأمام ومنها أخيراً على سبيل المثال لا الحصر الجسر الجوي الإغاثي الذي سيّرته الكويت لإغاثة الأشقاء في ليبيا.
وجاء هذا الجسر تنفيذاً للتعليمات السامية الصادرة من القيادة السياسية الرشيدة والتوجيهات المباشرة من سمو الشيخ أحمد النواف رئيس مجلس الوزراء والمتابعة الحثيثة من وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله الصباح، وبقية الوزارات والجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية إثر الإعصار الشديد والفيضانات غير المسبوقة التي تعرضت لها مناطق شمال شرق دولة ليبيا الشقيقة.
وحتى 18 سبتمبر 2023 وصلت الطائرة الإغاثية الخامسة من هذا الجسر وعلى متنها 10 أطنان من المواد الطبية وتم إعداد وتجهيز حمولة الطائرة بدعم وتنظيم من جمعية السلام للأعمال الإنسانية والخيرية بالتعاون مع الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية والتنسيق مع وزارات الخارجية والشؤون الاجتماعية والدفاع.
وكانت طائرة الإغاثة الكويتية الأولى حطت في ليبيا قبل ذلك بأقل من أسبوع وعلى متنها 40 طنا من المعدات والمواد الإغاثية والطبية تلتها الطائرة الثانية وعلى متنها 41 طنا فيما بلغت حمولة الطائرة الثالثة عشرة أطنان.
أما الطائرة الرابعة فقد حطت في ليبيا على متنها عشرة أطنان من المواد الإغاثية والطبية العاجلة عبارة عن أسرة طبية وكراسي متحركة.
في سياق مواز أعلن رئيس مجلس إدارة جمعية الكشافة الكويتية الدكتور عبدالله الطريجي تبرع الجمعية بمساعدات مالية مناصفة للجمعيات الكشفية العربية في المغرب إثر سلسلة الزلازل التي وقعت هناك أخيراً وليبيا إثر تداعيات إعصار دانيال، دعماً لإغاثة الأشقاء هناك.
وأشار الدكتور الطريجي عقب اجتماع لرؤساء الجمعيات الكشفية العربية إلى أهمية تسخير جميع الامكانات البشرية والمادية واللوجستية للأشقاء في ليبيا والمغرب من خلال دعم الجمعيات الكشفية العربية في الدولتين الشقيقتين في وقت تبرعت جمعية الكشافة الكويتية بمبلغ 50 ألف دولار أمريكي مناصفة للجمعيات الكشفية في المغرب وليبيا.
وفي المغرب أيضا شارك عدد من الجمعيات الخيرية الكويتية في نجدة منكوبي الزلزال هناك وتم إرسال مبعوثين إلى المناطق المتضررة للإشراف على تقديم الاحتياجات الاساسية للمتضررين ومواساة المنكوبين في إطار حملة «فزعة للمغرب»، التي تجسد تعاطف وتضامن الشعب الكويتي مع اشقائهم المغاربة في هذا المصاب الجلل.
وقال المشرف العام على حملة «فزعة للمغرب» ومنسق الجمعيات المشاركة عمر الثويني إن هذه الحملة الإنسانية التي شاركت فيها 14 جمعية كويتية بالتعاون مع وزارتي الخارجية والشؤون الاجتماعية الكويتيتين تأتي «لنجدة اشقائنا في المغرب جراء الزلزال الذي ضرب مناطق مختلفة من البلاد».
وكانت سفارة الكويت لدى المغرب نظمت حملة للتبرع بالدم للمساهمة في إنقاذ وعلاج مصابي الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق في المملكة ما تسبب في سقوط الآلاف من الضحايا.
وبالنسبة إلى السودان واصلت الكويت إغاثة الأشقاء هناك عبر جسر جوي ضم 16 طائرة محملة بمئات الأطنان من المساعدات والمواد الإغاثية والسلال الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية.
وفي بنغلاديش لم تغب يد الخير الكويتية عن دعم النازحين «الروهينغيا» هناك وهو ما حظي بإشادة رئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر في دول مجلس التعاون الخليجي مامادو سو قائلا إن ما تقوم به الكويت من أدوار إنسانية عالمية محل تقدير لكل المنظمات الدولية المعنية بالعمل الانساني والاغاثي لاسيما اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي تركيا استعد فريق «شفاء» الطبي الإنساني الكويتي لاستكمال جهوده السابقة وتقديم خدماته الطبية لمتضرري الحرب السورية والزلزال في إقليم «هطاي» جنوبي تركيا.
إلى ذلك وقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وجمعية الشيخ «عبدالله النوري» الخيرية الكويتية اتفاقية تعاون لدعم اللاجئين السوريين في لبنان.
وقال ممثل المفوضية لدى الكويت بالإنابة ماهر اسحاقات عقب حفل التوقيع إن هذه الاتفاقية تعد الثالثة مع جمعية «عبدالله النوري» وتأتي استكمالا للشراكة الاستراتيجية بين الجهتين وتنفيذا لحملة جمع التبرعات المشتركة «دفء الشتاء».
وفي مصر سلم المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية بالقاهرة 24 قارب صيد تبرعاً من جمعية النجاة الكويتية بقيمة 9800 دينار كويتي «نحو 30 ألف دولار»، ضمن مبادرة للتمكين الاقتصادي لدعم صغار الصيادين في محافظة أسوان جنوبي مصر.
كما كانت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية قد وزعت 11 ألف أضحية على 440 ألف مستفيد في 25 دولة بالتعاون مع 53 جهة خيرية وسبعة فرق تطوعية خلال أيام عيد الأضحى المبارك.
ومن ناحيتها أطلقت منظمة «رحمة حول العالم» في قطاع غزة مشروعاً لتوفير الأدوات المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة بدعم من الأمانة العامة للأوقاف الكويتية.
وقال نائب المدير العام للمنظمة أديب شويكي في مؤتمر صحفي بغزة إن «المشروع له أهمية كبيرة وسط الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تلك الشريحة من ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة».
من جهتها وقعت جمعية الهلال الأحمر الكويتي اتفاقية لإعادة تأهيل وترميم وتجهيز قسم الأمراض النسائية والتوليد في مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
وجاء هذا الدعم في إطار مساعدة المستشفيات اللبنانية وتحسين خدماتها الصحية والطبية التي تضررت بسبب انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
وفي اليمن لم تقف يد الدعم الكويتية هناك ولها بصماتها الواضحة في جوانب متعددة لاسيما دعم قطاعي الصحة والتعليم وما يلبي احتياجات الواقع ومتطلبات وأولويات المجتمع المحلي.
وكانت نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كيلي كليمنتس أكدت بمناسبة زيارتها للبلاد أخيراً الدور الريادي للكويت في دعمها غير المحدود للأوضاع الإنسانية الحرجة حول العالم، ودعم الحلول السياسية ووضع الحلول الاقتصادية المبتكرة والمستدامة في الدول المنكوبة إضافة إلى دعمها السخي لتحفيف العبء عن المتضررين من الكوارث الطبيعية أو الصراعات السياسية والحروب.
كما أكدت نائبة ممثل برنامج الاغذية العالمي لمنطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية كاترينا غالوزي أن الكويت شريك رئيسي للأمم المتحدة في دعم العمل الإنساني حول العالم، وذلك لدورها المميز والبارز في مجال المساعدات الإنسانية.
وأشادت غالوزي خلال زيارتها للكويت بجهود الهلال الأحمر الكويتي في تقديم المساعدات الانسانية بصورة عاجلة إلى الدول المنكوبة، وتسخير كل إمكاناتها لإيصال المساعدات الى المتضررين في شتى بقاع العالم وحرصها على دعم الجهود الرامية لتخفيف المعاناة عن المحتاجين.